21 يومًا تفصل طرابلس ومعها الضنية والمنية عن الإستحقاق الذي ينتظره جميع أهل الشمال بدائرته الثانية، مع ما لهذه الدائرة من خصوصية لافتة، وهي المعروفة بمدى قدرتها على التمييز وعلى حسن الإختيار، وهي التي ترفض أن تُستغل في أي ظرف، وبخاصة في المواسم الإنتخابية، حيث تكثر الوعود، التي كانت حتى الأمس القريب مجرد حبر على ورق.
فأبناء الشمال، وهم المحرومون من “نعم” الدولة ومن المشاريع الإنمائية، التي لو نُفذ منها عشرة في المئة فقط لكان وجه الشمال اليوم أفضل، ولما كان شبابه المتروكون من قِبل دولتهم يضطّرون إلى هجرته قسرًا للتفتيش عن رزقهم، مع العلم أنه لو أُحسن إستعمال ما فيه من خيرات لكان يشكّل نقطة جذب لبقية المناطق، التي تنعم ببحبوحة المشاريع التي تغدقها الدولة عليها.
ففي طرابلس مثلًا، وهي التي تُعتبر على الورق فقط العاصمة الثانية، تفتقر لأكثر من لفتة دائمة، وليس موسمية كما هي الحال في الزمن الإنتخابي، وزمن التفتيش عن الصوت التفضيلي بـ”السراج والفتيلة”، مع ما يرافق عملية التفتيش هذه من ممارسات لا تشبه أبناء عاصمة الشمال بشيء، وهي تبدو مغايرة لواقع المدينة ولهويتها، فضلًا عن الأساليب التي يجمع مَن يطلّع عليها، سواء في الإعلام أو عبر مواقع التواصل الإجتماعي، على وصفها بأنها ملتوية ولا تمتّ بصلة لا من قريب ولا من بعيد مع تقاليد هذه المدينة العريقة، التي تتطلع إلى مستقبل أجيالها بثقة الواثق، وهم يعتبرون أن من يقوم بهذه الممارسات التي تتجاوز الخطوط الحمر بهذه الخّفة وبهذه الطريقة الإستفزازية وقلب الحقائق وتشويهها وتزويرها لا يعرف أصالة أهلها، ولا يعرف حتى ألف باء الأصول، ولم يقرأ في كتابها ولا عاش هموم أبنائها، ولا زار حارة من حاراتها.
فهذه الاساليب كما يصفها أهل الكرامة والعزة لن تتمكّن، أيًّا تكن المحاولات، من تغيير القناعات، ولن تستطيع أن تعوضّ على المدينة وأهلها ما فاتهم من سنوات طويلة من الحرمان، ولن يسامحوا القائمين بها، لأنهم حجبوا عنها مشاريع مهمة كانت كافية لو نفذّت لجعل ليل الفيحاء نهارًا، ولوفرت لأعداد كبيرة فرص عمل تحفظ الكرامات وتبعد عن كثيرين شبح الفاقة والعوز، مع العلم أنهم يوزعون على ألآخرين والمفبركين ومزوري الحقائق كرامة وعزة نفس ما يفيض.
فلو نُفذّت المشاريع النائمة في أدراج السراي الحكومي لغايات في نفس يعقوب لما كان المريض من طرابلس والضنية والمنية، ساحلًا وجردًا، ومن قرى عكار النائية، يموت على أبواب المستشفيات الحكومية التي تعاني الإهمال وتعيش على الحدّ الأدنى من مقومات الصمود.
فلو أطلق مفبركو “الكومبينات” سراح مشروع واحد من اسره السياسي لما كانوا يحتاجون اليوم لكل هذه السيناريوهات، التي لا تركب على “قوس قزح”، والتي لا يمكن لأحد “إبتلاع” طعهما أو تصديق قصة “راجح” التي أبتكرها الأخوين رحباني في فيلم “بياع الخواتم”، وقد اصبحت مضرب مثل يُراد وصف مّن يحاول التهويل على الناس وتخويفهم.
طرابلس أنت على موعد في 6 أيار مع الحقيقة، فاستعدي، وسيكون لصوتك كلمة الفصل بين الأصالة والزائف، بين الحقّ والباطل.
أندريه قصاص
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2ve11gJ
via IFTTT
0 comments: