كتب ميشال نصر في صحيفة “الديار” تحت عنوان “محطة 12 أيار حاسمة… ولبنان خارج المواجهة”: “مع ان الحماوة الانتخابية بلغت ذروتها في الساعات الماضية من خلال تقاذف التهم والتراشق السياسي بمختلف انواع الاسلحة الكلامية بهدف التعبئة السياسية استعدادا لاستحقاق السادس من ايار الانتخابي، من دون المس بالمسلمات والخطوط الحمر المرسومة للاستقرار اللبناني، فإن السياسة بدت شبه غائبة عن مسرح الاهتمامات الداخلية لمصلحة التطورات الاقليمية المتسارعة والخطيرة مع ارتفاع وتيرة التوتر والتهديد بين ايران واسرائيل.
فالتحذيرات من الحرب الكلامية القائمة اقليميا، وسط تراشق البيانات وكشف المعلومات يظهر هشاشة الاوضاع المفتوحة على كل الاحتمالات بما فيها الانفجار قريبا، وسط تضارب المعطيات حول حجم وساحة المواجهة الجديدة ايا كانت طبيعتها، في ظل رهان الكثيرين على تحييد لبنان عنها، لتجنيبه ما لا قدرة له على تحمله.
واذا كانت اسرائيل مطمئنة الى ان التصريح الروسي حول ادخال الـ “اس.300” ضمن منظومة الدفاع الجوي السوري لا تعدو كونها تندرج في اطار شد الحبال القائم على جبهة واشنطن – موسكو، خصوصا ان الاخيرة لم تشغل منظومتها الموجودة اساسا في سوريا، فان “رعب” تل ابيب يتمثل في تكرار تجربة وصول منظومة دفاع جوي ايرانية متطورة، كما حصل عشية هجوم العاشر من شباط، والتي لم تكشفها المخابرات الاسرائيلية الا بعد نشرها بايام، وهو امر يعتبر كسرا للتوازنات ولقواعد اللعبة.
من هنا ترى اوساط ان استراتيجية تل ابيب الاستباقية، خلافا للعادة، تقوم على ادارة عملية اعلامية، نصت عليها العقيدة الجديدة لرئيس الاركان الجنرال غادي ايزنكوت، تكشف عبرها كما من المعلومات الحساسة والدقيقة، توفر عليها مخاطر اللجوء الى اعتماد الخيار العسكري بما يفرضه من مخاطر، ويؤخر ان لم يلغي اي هجوم قد تتعرض له.
وتتابع المصادر بان عدة اسباب وراء الكشف عن المعلومات اخيرا:
– اقتناع القادة العسكريين الاسرائيليين بأنّ الحرس الثوري الإيراني يتجه إلى شن عملية عسكرية ـ امنية انتقاما لضربة قاعدة “التيفور” وتدمير منظومة الدفاع الجوي الحديثة فيها.
– دعوة مرشد الثورة الامام الخامنئي الى “اليقظة الاستخباراتية” في وجه الاعداء”.
- توافر معلومات استخباراتية عن تواجد اللواء قاسم سليماني في سوريا استعدادا لعمل ما.
- رفع الجهوزية القتالية لقوات الحرس الثوري المنتشرة فوق الاراضي السورية، تزامنا مع توسيع رقعة هذا الانتشار خارج حلب وفي صيقل ودمشق والتيفور بالقرب من حمص.
- حركة طيران «مدني» مريبة ترصدها طائرات المراقبة الجوية في المنطقة من المطارات الايرانية باتجاه المطارات السورية وبخاصة دمشق الدولي.
- اعتقاد تل ابيب بتخلي واشنطن مرة جديدة عن الساحة السورية لصالح محور الممانعة الذي يبقي الحساب مفتوحا مع إسرائيل.
الاخطر وسط كل ذلك ما كشفته محطة «سكاي نيوز» الاميركية، عن توقيع حكومات إيران والعراق وسوريا مشروعاً لإقامة «أوتوستراد» يربط عواصم الدول الثلاث، بمسافة تصل إلى 1700 كيلومتر، ستنفذه شركة إيرانية على مدى عامين، لنقل البضائع إلى موانئ البحر الأبيض، قد يمتد نحو بيروت،على أن تتولّى حراسته عناصر عسكرية وامنية في كل من البلدان الثلاثة.
وترى اوساط متابعة ان طهران لا يمكنها السكوت عن الضربة التي تعرضت لها، مبدية اعتقادها ان يقتصر الرد على هجمات صاروخية «تمويهية» لاشغال منظومة الدفاع الجوي الاسرائيلية ،تفتح الطريق امام «غارة انتحارية مميتة» لطائرات دون طيار مجهزة بالمتفجرات ضد احدى القواعد الجوية الاسرائيلية القريبة من الحدود السورية، رغم قدرة طهران على ردع إسرائيل بفاعلية أكبر، في حال استهداف «مدينة إسرائيلية كبرى»، ما قد ينطوي على مخاطرة كبرى محرجة امام المجتمع الدولي، اذ على الجمهورية الاسلامية مراعاة العلاقات الاسرائيلية ـ الروسية، انطلاقا من براغماتيتها المعروفة في مقاربتها للتوازنات الدولية، من جهة، ورد اسرائيلي مضاد في الداخل الايراني، ما سيؤدي حكما إلى تصعيد «لا لزوم له»، بحسب معهد «بروكينغز» الأميركي للدراسات.
وحول خيار الرد عبر لبنان استبعدت المصادر ذلك لعدة اسباب ابرزها، عدم الرغبة بالاضرار بترسانة الحزب الصاروخية وبنيته العسكرية في الوقت الراهن، لابقائه على استعداد لمواجهة اي هجوم عبر منطقة الجولان، التي بدأت تشهد حشودا عسكرية اسرائيلية غير مسبوقة، اولا وثانيا، عدم رغبة قيادة حزب الله في تطيير الانتخابات النيابية، خلافا لما يعتقده الكثيرون، خصوصا ان حارة حريك تستعد لاقامة جبهة سياسية ـ نيابية عريضة بعد الاستحقاق التشريعي تعيد من خلالها احياء الثامن من آذار في اطار هيكلية جديدة.
يضاف الى ذلك والكلام للمصادر، الضغوط الاميركية المتزايدة على الدولة العبرية للجمها عن تنفيذ اي خطوات استفزازية باتجاه لبنان، وما الزامها تل ابيب بتغيير مسار اعمالها في الجدار الفاصل عند الحدود الا دليل على الرغبة في تحييد لبنان وابقاء المظلة الدولية الحامية له، وهو امر تلقفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والذي يتعامل بدهاء «تكتي» بعيدا عن الانفعال و«البهورة».
عليه يمكن الرد الايراني، ان يكون «مقبولا ومحمولا» روسيا وكذلك قابلاً للاحتواء والضبط كي لا يقود الى مواجهة كبيرة قد تعرض انجازات «القيصر» في روسيا لنكسة خطيرة، رغم ترجيح موعد الهجوم في ذكرى «النكبة الفلسطينية» «يوم الاستقلال السبعين»، اي ما بعد تاريخ 12 ايار المفصلي على صعيد مصير الاتفاق النووي الايراني – الدولي.
ميشال نصر -الديار
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2F21PVJ
via IFTTT
0 comments: