منذ انطلاقة حملة “تيار المستقبل” الانتخابية والمرشحون على لائحته يتحفون ابناء طرابلس بالهجوم على الرئيس نجيب ميقاتي، هجومٌ مطعّم بنكهة الوعود “السرابية” بتحويل طرابلس إلى مدينة من “حرير”، لكنّ الطرابلسيين لا يغرقون في “شبر مي” إذ أنّ ذاكرة المدينة لم تزل في ريعان شبابها، وهي باتت تدرك جيدا ان “الحريري” يكاد ينسى وجودها على الخارطة اللبنانية لولا أن الاستحقاقات وجمع الأصوات يفرض عليه واقع الزيارة، وأن حقده على نجيب ميقاتي دون سواه ليس الا لأنه يجد فيه خصما طرابلسيا قوياً لا يُهزم.
يزور رئيس الحكومة سعد الحريري مدينة طرابلس اليوم ليطمئن على شعبيته، ولعلّ هذه الزيارة قد تكون الاخيرة قبل الاستحقاق النيابي، لذلك لا بدّ وانه سيحمل في جعبته الكثير من التزوير للحقائق، مصوّباً بوصلة الطرابلسيين نحو الشحن المذهبي والانقسام الطائفي ضماناً لشدّ العصب. وهل اقوى من سلاح الوعود وخطابات التخوين للوصول الى الهدف المنشود؟
وما لا شك فيه ابدا أنّ التّهم مطبوخة سلفا ومعلّبة وجاهزة ليتناولها هذا الشعب الحاقد على النظام السوري ومخلّفاته، لا سيما وان ذكرى السادس والعشرين من نيسان ما زالت تعصف في الاذهان، وخروج الجيش السوري من لبنان نشوة نصر ما زالت تدغدغ قلوب اللبنانيين، لذلك فمن المتوقّع أن يستغلّ “الحريري” التوقيت ليجهز على “ميقاتي” بتصويره كما دائماً على أنه حليف للنظام السوري ويتمتع بصداقة شخصية مع الرئيس بشار الاسد.
كذبة ممنهجة لضرب خيار الطرابلسيين في من وقف الى جانبهم طوال سنوات، مترفعا عن المناسبات والاستحقاقات، فاتحا بوابة الدعم لكل طالب حاجة. وفي الواقع، فإنّ الحقيقة الثابتة المرتبطة بـ26 نيسان تتمثل في إخراج الجيش السوري من لبنان في العام 2005 وذلك في ظلّ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، والحقيقة الأخرى التي لم تتّضح ملامحها بعد للعيان، هي “مستقبل” العلاقات بين لبنان والنظام السوري.
هذا الافتراء الذي لم نشهده حقيقة في عمل ميقاتي السياسي، يدحضه الواقع، إذ لم نجده يوماً ينقاد للرغبات السورية في أحلك الظروف، بل ضحّى بأعماله وشركاته هناك في حين أننا نرى من يسعى “الآن” لتفريخ “أوجيه” سوريّة! ميقاتي الذي لم يقم بزيارة واحدة الى سوريا منذ تشكيل حكومته السابقة، جهد في الحفاظ على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وحمى رموزا سنية من تركة رفيق الحريري، كسعيد ميرزا وأشرف ريفي، حين تقدّم باستقالته حرصا منه على موقع الطائفة في لبنان.
الا أن الرئيس الحريري الذي اضطر “ربما” الى زيارة سوريا مرتين بعد اغتيال والده الشهيد، لا يحقّ له ان يزايد على مواقف ميقاتي خصوصا بعد تبنّيه لسياسة “النأي بالنفس” التي سخر منها بداية بتسميتها “اللعي بالنفس” تلك السياسة التي اطلقها ميقاتي بحنكته وذكائه لدفع المخاطر عن الوطن ودرء الفِتن.
ولمن خانته الذاكرة، فإن الرئيس نجيب ميقاتي شكّل حكومة مع “حزب الله” عندما كان الحزب بعيداً عن الحرب السورية وحينها رفض”المستقبل” المشاركة بتلك الحكومة بحجة أنها “حكومة حزب الله” لكنّ الحريري حين دُعي الى التشكيل تراجع عن مواقفه تحت حجة “لأجل لبنان” وفاوض في اكتر من 53 جلسة حوار حين كان الحزب آنذاك منغمسا في الحرب الى اقصى الحدود.
فعن أي وصاية سورية يتحدث الحريري ويتهم خصومه بمحاولة استرجاعها؟ وهو الذي تفاهم مع حلفاء النظام السوري الحقيقيين، وجلس معهم في السرايا وفي بعبدا! عن أي أزلام للنظام السوري يتحدث الحريري وهو رئيس الحكومة الأول بعد العام 2005 الذي قام بالتوقيع على قرار تعيين سفير للبنان لدى سوريا؟ وهو الذي يخوض اليوم انتخاباتٍ بلوائح تزخم بعبق “بعثي” من بقاع لبنان إلى شماله؟!
يبدو أن الـ (سين – سين) التي جرّت خطى الحريري نحو سوريا في العام 2008 ليمكث في قصر المهاجرين، تغيرت مفاعيلها، فلم تعد السين “سعودية سوريا”، بل ربما “سعد وسوريا”! ومن الواضح ايضا انّ الحريري رضخ للواقع السياسي في لبنان وسعى لبناء حلف جديد يضمن مستقبله السياسي والمالي، وقبل بمعادلة جديدة يرسيها الطامح للاستفادة من إعادة الإعمار. فهل ستبصر “سوري أوجيه” النور قبل تسديد مستحقات موظفي “سعودي أوجيه”؟
ايناس كريمة
from تحقيقات – ملفات – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2I5y61q
via IFTTT
0 comments: