محمد صادق الحسيني
نتفق تماما مع صحيفة نيويورك تايمز الاميركيه ، في ما نشرته يوم ٢٢/٣/٢٠١٨ ، حول ان فريق ترامب للسياسة الخارجيه والأمن هو الأكثر تطرفا في تاريخ الولايات المتحده الحديث.
ولكننا نضيف الى ذلك ان هذه الصقور التي تعنيها الصحيفه أصبحت صقورا بلا مخالب او ذئابا بلا انياب .
وبما ان الشيء بالشيء يذكر فان من الضروري التذكير بان جون بولتون ، المعين مستشارا للامن القومي الاميركي ، ليس ذلك الصقر الذي ينقض على الفريسة ليمزقها إربا إربا ، بل انه ليس اكثر من بوم ينعق بالخراب ليس الا.
حيث ان هذا ” الصقر ” قد تهرب من الخدمة في الجيش الاميركي سنة ١٩٦٩ ، اَي عندما اصبح في سن الخدمة العسكريه الالزامية ، وذلك من خلال مشاركته بنظام قرعة كان مستخدما آنذاك في الولايات المتحده ويطلق عليه اسم : قرعة حرب فيتنام.
وكان المقترع ، حسب ذلك النظام يسحب ورقة من مكان مخصص لذلك في مكتب التجنيد المعني ليجد عليها رقما هو اليوم رقم كذا من ايّام السنه .وكان ان تبين بان الورقه التي سحبها جون بولتون كانت تحمل الرقم ١٨٥ .اي انه كان سيستدعي للتجنيد بعد ٨٥ يوم من تاريخ القرعه.وبما ان القانون الاميركي كان يسمح لمن هم بانتظار الاستدعاء ان ينضموا الى الحرس الوطني الاميركي ، الذي لا يشارك في الحروب ، فقد اختار بولتون ان يحتال على قانون الخدمة العسكريه وان يتملص منها تفاديا للتجنيد والمشاركه في حرب فيتنام.وبالفعل خدم مدة اربع سنوات في الحرس الوطني ثم أحيل الى الاحتياط ولَم يشارك أبدا في حرب فيتنام التي قال عنها يوما ، سنة ١٩٦٩ : ليس لدي اَي مصلحة في الذهاب للموت في احدى مزارع الرز في اسيا…!
صحيح انه لا يتوقف عن إطلاق المواقف المتطرفه ، بدءاً من موقفه من وجود الامم المتحده التي أعلن مرارا عدم اعترافه بوجودها ، رغم انه كان سفير بلاده فيها ، مرورا بدعواته المستمرة لضرورة تنفيذ الولايات المتحده الاميركيه لضربات عسكرية استباقية وذلك بهدف ان تثبت للعالم انها لا زالت القوة الأعظم في العالم .
كما ان مواقفه ، سابقا وحاضرا. ، من كل من الموضوع الكوري والايراني والسوري لا زال على نفس المنوال ولَم يشهد اَي تغيير او موائمة مع المتغيرات الدوليه وموازين القوى الجديده في العالم والتي لم تعد كما كانت في بدايات تسعينيات القرن الماضي ، حينما وجدت الولايات المتحده نفسها سيدة العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
فلا زال جون بولتون يدعو الى تنفيذ ضربه عسكريه ضد كوريا الشماليه لوقف تسلحها النووي ، كما انه لا زال يدعو الى إلغاء الاتفاق النووي مع ايران بشكل كامل وليس تعديله فقط .كما انه يدعو الى اتخاذ الإجراءات ، العسكريه طبعا ، اللازمه لوقف تمدد النفوذ الإيراني ونفوذ حزب الله في “الشرق الأوسط ”
هذا الى جانب مواصلته ترديد مقولة انه كان على الولايات المتحدة العمل على اسقاط الدولة السوريه والرئيس بشار الأسد منذ زمن بعيد .
وبالنظر الى هذه الصوره ” الصقوريه ” عن هذا الشخص فان من المهم طرح السؤال حول تاثيره المحتمل في سياسات الولايات المتحده تجاه الازمات المشار اليها اعلاه بالاضافة الى موضوعين استراتيجيين على حانب كبير من الأهمية ، الا وهما علاقة الولايات المتحده مع كل من الصين وروسيا .خاصة وان جون بولتون لا يخفي دعواته لضرورة اتباع الولايات المتحده سياسة اكثر تشددا مع الدولتين العظميين.
ولعل السبب بالذات ورغم الصوره النمطية السائدة في الاعلام عن علاقة الولايات المتحده مع تلك الدولتين فان جوهر علاقة ترامب مع الرئيس الروسي تحديدا ليست كما تصورها وسائل الاعلام العالمية . اذ نقلت روسيا اليوم ، بتاريخ ٢٢/٣/٢٠١٨ ، عن الرئيس الاميركي تعليقا على اتصاله بالرئيس الروسي ، لتهنئته بانتخابه مجددا رئيسا لروسيا ، نقلت عنه قوله : لقد اتصلت بالرئيس الروسي لتهنئته بفوزه في الانتخابات …….حيث يمكن لهم ( الروس ) ألمساعده في حل المشاكل مع كوريا الشماليه وسورية ومشكلة سباق التسلّح ….
وهذا يعني ان ترامب قد وضع الخطوط العريضه التي سينطلق منها في تنفيذ سياساته المتعلقة بالملفات المذكوره مما يعني ان جون بولتون سيكون مضطرا الى عدم الخروج عن هذا الإطار لسياسات رئيسه . وهذا ما أكده بولتون بنفسه يوم أمس ، عندما ساله الصحفيون ، بعد نبأ تعيينه مستشارا للامن القومي ، حول إمكانية التوفيق بين مواقفه الصقوريه السابقة وبين موقعه الجديد ، حيث اجاب : ان الرئيس هو الذي يتخذ القرار في نهاية المطاف ولا يمكن للمستشار الا ان يكون مستشارا .
وهذا يعني بانه وبصفته الوظيفية سيقوم بتقديم الاستشارات للرئيس والتي لا يجب ان تكون مطابقة لتقديرات الرئيس مما يجعله يتخذ قرارات لا تتوافق مع الاستشارات المتقدمه من بولتون في بعض الحالات.ولكن اذا ما حاول بولتون وضع الرئيس في اجواء تفرض عليها اتخاذ قرارات مطابقه لمقترحاته فان ذلك سيعني بالضروره حصول شرخ كبير في العلاقة بينهما وقد تؤدي الى الإطاحة بجون بولتون حتى قبل الإطاحة بوزير الدفاع جيم ماتياس الذي سيتم الاستغناء عنه مطلع شهر نيسان القادم .
اَي ان إمكانية ان يلاقي جون بولتون نفس مصير مستشار ترامب الاول للامن القومي ، مايكل فلين Michael Flynn ، الذي تم تعيينه بتاريخ ٢٢/١/٢٠١٧ بينما طرد من المنصب بتاريخ ١/٢/٢٠١٧ ، اَي بعد أسبوع واحد من تعيينه.
علما ان مادة الصدام بين ترامب وبولتون كبيرة جدا وذلك لأسباب عدةاهمها :
اولا : القمة المقررة بين الرئيس الكوري والرئيس الاميركي في شهر أيار القادم واجراءات ترامب العقابية ضد الصين في المجال التجاري والتي ستتسبب في خسارة خمسين مليار دولار للصين وما يتبع ذلك من تداعيات يفترض في مستشار الأمن القومي ان يحاول حصرها في الحدود الدنيا من التوتر السياسي بين البلدين.
ثانيا : استحقاق اتخاذ قرار بشان الاتفاق النووي مع ايران والذي يفترض ان يتم اتخاذه بتاريخ ١٢/٥/٢٠١٨ . ذلك القرار الذي يفترض في مستشار الأمن القومي ان يعمل على التفاهم مع الدول الاخرى الموقعه على الاتفاق بشأنه مع عدم الاضرار بعلاقات الولايات المتحده مع هذه الدول .
فهل سيكون جون بولتون قادرًا على العمل كمستشار للامن القومي الاميركي ام انه سيتحول الى سيف ” للامن القومي ” الاسرائيلي مسلطا على رقبة الرئيس الاميركي .!؟ولعل من المفيد ، في هذا الصدد ، التذكير بالمثل العربي القائل : اللهم احمني من أصدقائي وأما اعدائي فإنا كفيل بهم ….
لذل فاننا ننصح المستشار الجديد بان لا يسلم رقبته لصديقه نتن ياهو والاخرين من جوقته لان ذلك سيقوده الى الهاويه حيث لن ينفعه غزل الدوائر الاسرائيليه الحاكمة بصداقته لإسرائيل وبدوره الطليعي في خدمتها.
صديقك الاسرائيلي نتن ياهو يسرع نحو الهاوية فلا تربط حبالك بحبله…
وان كنت من النوع الذي لن يسمع النصيحة مثل سيدك بالاستعارة دونالد ترامب ..
فاعلم ان مستقبلكما انت وترامب ايضا مسرع نحو الهاوية لا محالة..
انها نتائج الهجوم الاستراتيجي الذي بدأ في حلب ولن يتوقف الا في خروجكم جميعا من ارض الشام الطاهرة…
واستعدوا الى الصعود المزدوج لقوات حلف المقاومة من جبل الشيخ ومن الجليل …
انكم ترونه بعيدا
ونراه قريبا
بعدنا طيبين قولوا الله
from بانوراما – شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2G7acor
via IFTTT
0 comments: